إندماج "غاز فرنسا" و"سويز" يشعل المنافسة فى سوق الطاقة الفرنسى

بعد شهور من المفاوضات الصعبة بمباركة الاليزيه، أعلنت شركة "جاز دو فرانس" (غاز فرنسا) الحكومية والمعروفة إختصارا باسم "جى دى اف"، ومجموعة "سويز" للطاقة المملوكة للقطاع الخاص الإثنين الماضى موافقتهما على إندماج المؤسستين فى كيان سيصبح أكبر مورد للغاز وثانى أكبر منتج للكهرباء فى فرنسا.

إلا أن قيام هذا الكيان، الذى سيطلق عليه اسم "جى دى اف سويز" سيشعل المنافسة فى مجال الطاقة بالسوق الفرنسية الذى بدأت إجراءات تحريره، خاصة فى مجال الكهرباء الذى تسيطر عليه شركة "اليكتريسيتيه دو فرانس" (كهرباء فرنسا)، المعروفة إختصارا باسم "اى دى اف".

ويرى مراقبون أن المنافسة بين "جى دى اف سويز" و "اليكتريسيته دو فرانس" فى سوق الطاقة الفرنسية ستكون أعنف من المنافسة فى السوق الأوروبية، مشيرين إلى أنه تم تحرير أسعار الطاقة فى السوق الأوروبية منذ الأول من يوليو الماضى بينما مازلت الحكومة الفرنسية تسيطر على تحديد الأسعار.

وتشتد المنافسة بين "جى دى اف سويز" و"اليكتريسيته دو فرانس" لكون الطرفين من عمالقة الطاقة، حيث تبلغ القيمة السوقية لشركة "اليكتريسيته دو فرانس" 131 مليار يورو ويصل حجم أعمالها 59 مليار يورو، فيما تقدر القيمة السوقية لمؤسسة "جى دى اف سويز" بمبلغ 85 مليار يورو ويصل حجم أعمالها إلى 72 مليار.

وعلى الرغم من تفوق "اليكتريسيته دو فرانس" الكاسح فى مجال إنتاج الكهرباء، حيث يصل إنتاجها إلى مائة الف ميجاوات مقابل خمسة آلاف فقط لمؤسسة "جى دى اف سويز"، إلا أن المنافسة الحقيقية ستكون فى مجال الغاز، الذى سيعتمد على الإستيراد، حيث لا يعتبر أى من الطرفين منتجا حقيقيا له.

ويبدو أن الغلبة فى هذا المجال ستكون لمؤسسة "جى دى اف سويز"، المدعومة من الرئاسة الفرنسية، حيث عبر الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، فى تصريح لصحيفتى الوطن" و"الأخبار" الجزائريتين خلال زيارته الأخيرة للجزائر، عن أمله فى أن يحدث "تقارب" بين شركتى "جاز دو فرانس" الفرنسية وشركة "سوناطراك" الجزائرية، بهدف تأمين إحتياجات فرنسا من إمدادات الغاز فى المستقبل.

ولمواجهة المنافسة فى هذا المجال، تخطط "اليكتريسيته دو فرانس"، التى أعلنت من قبل عن إستثمار عشرين مليار يورو فى فرنسا بين عامى 2005 و 2010، للتوسع مجال الغاز الطبيعى المسال كبديل للبترول. وستقوم فى هذا الإطار بإنشاء وحدة لإنتاج غاز الميثان فى مدينة "دانكرك" بشمال فرنسا علاوة على الحصول على ناقلات غاز .

وفى المقابل، تمتلك "جى دى اف سويز" ثلاث وحدات لإنتاج الميثان فى فرنسا والعديد من الناقلات.

وترى كوليت لوينر، المحللة فى مؤسسة "كاب جيمينى" أن إندماج "جاز دو فرانس" و "سويز" سيحقق طموحات الطرفين، حيث ستستطيع الأولى استخدام المفاعلات النووية التى تمتلكها "سويز" فى بلجيكا، فيما ستتمكن الأخيرة من الوصول إلى عملاء شريكتها البالغ عددهم 11 مليون عميل.

إلا أن المحللين فى بنك "سوسيتيه جنرال" يرون أن هذا الإندماج سيجبر الكيان الجديد على التخلى عن شركة "ديستريجاز" البلجيكية المنتجة للغاز والمملوكة لشركة سويز، حتى توافق السلطات الأوروبية المسئولة عن ضمان المنافسة على عملية الإندماج.

وبالرغم من أوجة المنافسة العديدة بين "جى دى اف سويز" و"اليكتريسيته دو فرانس"، إلا أنه قد يكون هناك مساحة متاحة للتعاون بينهما خاصة فى ظل تأكيدات رئيس مجلس إدارة "سويز"، جيرار ميستراليه، الذى سيحتفظ بمنصب رئيس مجلس إدارة الكيان الجديد، بأن "ديسترجاز" لن تباع ولكن سيتم مبادلتها مقابل نشاطات أخرى.

حيث يرى محللو بنك "سوسيتيه جنرال" أن هذه التأكيدات قد تهم "اليكتريسيتيه دو فرانس" لكونها تحقق مصلحة للطرفين..فمن جهة ستساعد "اليكتريسيتيه دو فرانس" على الدخول إلى مجال إنتاج الغاز بالإضافة إلى دخول السوق البلجيكية الذى طالما أعربت عن إهتمامها به ليكون الباب الأوسع للسوق الأوروبية .

ومن جهة أخرى يمكن لمؤسسة "جى دى اف سويز" أن تحصل من "اليكتريسيتيه دو فرانس" على أنشطة مكملة لأنشطة المؤسسة.

وفى هذا الإطار، أكد رئيس مجلس إدارة "اليكتريسيتيه دو فرانس"، بيير جادونيكس، إهتمام شركته بديستريجاز.

ومن أوجة التعاون الأخرى بين المؤسستين تأتى شركة "اى دى اف-جى دى اف ديستربيوشن" للتوزيع التى يعمل بها 46 الف موظف وهى شركة مشتركة أنشأتها "جاز دو فرانس" و "اليكتريسيتيه دو فرانس".