Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
وجهات نظر
19 mars 2003

الدجاجة العراقية تبيض ذهبا للأمم المتحدة..ولأمريكا أيضا

يخطئ من يظن أن العراق دولة أنهكتها الحروب والتهمتها عقوبات دامت سنوات طوال من الحصار المحكم الذي فرض عليها .. فعلي أرض الرافدين لازالت الثروات تنساب مدرارا .. ولكنها ليست لأهلها .. وبمرور الوقت تتوالى المفاجآت لتكشف عن دولة يعاني شعبها شظف العيش فيما يحصل أجنبي يحترف مهنة النجارة على 11 ألف يورو شهريا وينعم "كلب" برغد العيش فيها حين يلقي رعاية فائقة ويزود بسيارة لتيسير انتقالاته برفقة مجموعة من الحرس المحيطين به هذا بخلاف تلبية كافة احتياجاته الفسيولوجية على حساب شعب العراق.

وعلي الرغم من المآسي التي يندي لها الجبين والمعاناة الشديدة التي يعانيها الشعب العراقي وتتناقلها أجهزة الاعلام وتقارير المنظمات الانسانية على مدار سنوات عجاف من العقوبات الدولية خلفت وراءها مئات الألاف من مرضي يفتقرون لجرعات دواء احتجزتها لجان الأمم المتحدة وأطفال عراقيين اعتصرهم الجوع ونشبت الأمراض أظافرها الحادة في كل بقعة من أجسادهم .. إلا أن هناك عراقا أخر ومغايرا تماما لتلك الصورة بدت في "عيون الأمم المتحدة" التي نظرت للعراق على مدار اثني عشر عاما بأنها دجاجة تبيض ذهبا.

وتبدو تلك الصورة المغايرة للعراق جلية في شهادة صحفيين فرنسيين تخصصا لسنوات طوال في شؤون الشرق الأوسط ووثقا شهادتهما أخيرا في كتاب صدر أخيرا تحت عنوان "عراق صدام .. صورة كاملة" في محاولة منهما لفضح ما وصفاه بمظاهر "التبذير والسفه" التي مورست تحت "مظلة" برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي استمر على مدى سنوات حصار العراق وأعلنت المنظمة الدولية تعليقه قبل أيام من حرب مرتقبة تفتح صفحة جديدة في ملف معاناة الشعب العراقي.

ويقول الصحفيان الفرنسيان جورج مالبرونو وكريستيان شيسنو إن ثروات "الدجاجة" العراقية انهالت على "المنظمة الدولية"  من كل حدب وصوب في ظل برنامج وصفاه بانه "أكبر خدعة" في تاريخ البشرية "دبرتها" الأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة.

فالعراق بات محققا لأرقام قياسية في كل المجالات .. ففي الوقت الذي لقي فيه ما يقرب من 25ر1 مليون انسان حتفهم تحت وطأة العقوبات المفروضة على الشعب العراقي نراه يرتدي ثوبا زاهيا في نظر المنظمة الدولية إذ يرتقي مكانة الدولة الوحيدة على مستوي العالم التي يوجه لها برنامج مساعدات انسانية على نفقتها الخاصة.. فالعراق يدفع والأمم المتحدة تقبض الثمن !

ويتساءل الكاتبان في كتابهما  "عراق صدام .. صورة كاملة" أي دولة في العالم أو بقعة على ظهر الأرض يمكن فيها الاستعانة بخدمات نجار براتب 11 ألف يورو شهري؟ ... وأين يتاح للمرء أن يغير سيارته كل ثلاثة أعوام حتى ولو كانت بحالة جيدة ؟ وفي اي مكان على وجه الأرض تحصل الكلاب المدربة على البحث عن الألغام على غذاء أفضل مما يحصل عليه أفراد الشعب أنفسهم ؟

ولم يجد الكاتبان الفرنسيان على وجه الأرض موقعا واحدا يمكن أن تجتمع فيه كل تلك الحالات الصارخة من "البذخ والسفه" في آن سوى العراق .. أما "صاحب العمل المبذر" الذي يوفر كل تلك الحالات فهي "الأمم المتحدة" التي لا تدفع من "جيبها الخاص" رواتب مستخدميها العاملين في العراق.  ويعد برنامج المساعدات الانسانية في العراق هو الفريد من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة فمن غير المسبوق أن تقوم إحدى الدول المتلقية للمساعدات الإنسانية بتمويل تلك المساعدات  .. وهو أمر اعترف به أحد ممثلي الأمم المتحدة بالعراق الذي أتته من الشجاعة ما دفعه إلى إدانة تلك الممارسات بوصفها "أوضاع شاذة".

ولم يعد الدبلوماسي الدولي الذي انبري لانتقاد برنامج النفط مقابل الغذاء وما ينطوي عليه من مغالطات وأخطاء بالغة هو الوحيد في أوساط العاملين في أروقة الأمم المتحدة .. إذ تخلص الكثيرون من حالة الصمت المطبق التي لازمتهم على مدي اثني عشر عاما ليصبح السؤال الاكثر الحاحا والذي تلوكه أفواه العديد من المسئولين في الأمم المتحدة ذوي الصلة ببرنامج "الدجاجة العراقية" هو .. أين ذهبت أموال الأمم المتحدة المخصصة للأكراد؟

وينسب كتاب "عراق صدام . صورة كاملة" في معرض حديثه عن برنامج المساعدات الانسانية في العراق عن احد الدبلوماسيين الأوروبيين بالامم المتحدة قوله "إن الاحتياطيات المالية للعراق تعرضت للتبديد ..أنه أمر مخز".

وعندما سئل هذا الدبلوماسي إذا كان ينوي التوجه بتلك القضية إلى حكومته رد بالإيجاب .. إلا أنه أضاف أن النصيحة التي ينتظر سماعها من حكومته هي أنه "يتعين (عليه)التزام الصمت".

وتسود أوساط الدبلوماسيين في الامم المتحدة مشاعر الاستياء الشديد .. فيكفى سماع ما يتداوله عدد من الدبلوماسيين من معاتبات وانتقادت لهذا البرنامج  ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى حد أن العديدين من موظفي المنظمات غير الحكومية عادة ما يعلقون على برامج الامم المتحدة بأوصاف مهينة .. فاللفظ السائد على ألسنة الكثيرين بشأن هذا البرنامج  هو انه يصل إلى مرتبة "التدليس".

ولكن "الكعكة من اللذة بحيث لا يجرؤ البعض حتى الآن على توجيه الانتقادات بصفة علنية".  ولم يبرئ الكاتبان الفرنسيان ساحة النظام العراقي من مسؤولية تحمل تلك الآثار المدمرة التي لحقت بالعراق غير أنهما ألمحا إلى التناقض الشديد والفريد من نوعه في ذلك البرنامج الذي وصفاه بانه أشبه بعملية "ترقيع انسانية" جري تطبيقها وفق قرار مجلس الأمن رقم 986 الذي وافق عليه العراق في عام 1996 بعد مفاوضات دامت عاما كاملا.

ويقول الكاتبان انه بموجب هذا القرار فإن العراق لا يملك الحق في التصرف في عائدات بيع نفطه وغير مسموح له تلقي اي أموال تكون تحت تصرف الحكومة العراقية ... فالعوائد النفطية تحول مباشرة إلى حساب خاص بالأمم المتحدة في فرع بنك باريس الوطني بنيويورك .

ووفقا لهذا القرار فإن 71% من تلك العوائد يخصص لشراء احتياجات الشعب العراقي و25 % لتعويضات حرب الخليج الثانية التي ترتبت في أعقاب الاحتلال العراقي للكويت و2ر2 % تم تخصيصها لتغطية نفقات إدارة الأمم المتحدة لهذا البرنامج و 8ر0% توجه للعمليات المتعلقة بنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية و 1% خصص لتسديد المصروفات والأتعاب البنكية لإدارة هذا الحساب.

وهذا يعني أن نسبة 3% من ايرادات صادرات النفط العراقي خصص لتمويل إدارة المنظمة الدولية وبما أن العراق قام منذ عام 1996 بتصدير ما قيمته 56 مليار دولار أمريكي من الذهب الأسود فإن قيمة مساهمات نظام صدام حسين في الأمم المتحدة وصلت إلى حوالي 7ر1 مليار دولار .. ويقول الكاتبان الفرنسيان أنه "رقم يبدو للوهلة الأولى بسيطا ولكنه في الحقيقة هائلا حيث أنه يجعل من العراق أحد أكبر المانحين للأمم المتحدة".

ومن الطريف في الأمر أن العراق فقد حقه في التصويت داخل المنظمة الدولية نظرا لعدم سداده لحصص المساهمة في ميزانية الأمم المتحدة التي قدرتها ميزانية المنظمة الدولية في عام 2003 وحده بنحو مليونين و110 آلاف و937 دولارا.

ويؤكد مراقبون عديدون أنها المرة الأولى التي تتولي فيها الأمم المتحدة مهاما ذات وزن ثقيل ويتم تمويلها خارج إطار ميزانية المنظمة الدولية ودون اللجوء إلى مساعدات الدول الأخرى الأعضاء.. وقد أدى غياب أي مصاعب تمويلية إلى استمرار صيغة النفط مقابل الغذاء تحت رعاية الأمم المتحدة .. لتصبح العراق هي "البقرة الحلوب" التي تدر الثروات على المنظمة الدولية.

وبفضل هذا البرنامج استطاعت منظمات الأمم المتحدة المتخصصة العاملة بالعراق أن تزيد من ميزانياتها وزاد عدد العاملين في المجال الإنساني بالعراق من 200 في عام 1998 إلى 1000 شخص في الوقت الحالي..وفي هذا الصدد يقول أحد مسئولي هذه المنظمات بالعراق أنه لا يعرف ماذا يفعل بالأموال المخصصة لفرع منظمته بالعراق؟ .. ويصف ما يحدث في العراق من قبل الأمم المتحدة بأنه "عمل غير أخلاقي".

ويعترف المسئول الدولي أنه قام بإلغاء العديد من الوظائف التي تم استحداثها ، حيث أن القائمين على هذه الوظائف كانوا يتكسبون 600 دولار شهريا لمجرد قيامهم بمهام توصيل فاكسات من مكتب مجاور لمكتبه يبعد أقل من 20 مترا .. ويستدرك ساخرا بقوله إن رواتب هؤلاء (سعاة الأمم المتحدة بالعراق) توازي 100 ضعف ما يحصل عليه الاستاذ الجامعي في العراق الذي يصل راتبه إلى ما يعادل 6 دولارات شهريا!

ويقول الكاتبان الفرنسيان إنه في إطار برنامج إنساني لتلبية احتياجات شعب منهك فإن "الإدارة الفاسقة للأمم المتحدة وصلت إلى حد قلة الحياء حيث قامت الأمم المتحدة بتطبيق برنامج لنزع الألغام في المناطق الكردية شمالي العراق هو الأكثر تكلفة في جميع أنحاء العالم." وبمقتضي ذلك البرنامج قامت المنظمة الدولية بتوصيل نحو 11 طنا من اللحوم إلى المناطق الكردية في الفترة من يوليو 1999 حتى يونيو 2000 لتوفير وجبات غذائية منتظمة ل 28 "كلبا" مدربا على اكتشاف الألغام .

وأشارا في هذا الصدد إلى انه تم تخصيص معلم وسيارة واثنين من المرشدين لكل "كلب" لتوفير سبل الراحة في تنقلات تلك الكلاب ..وحتى لا تعانى الكلاب البريئة صاحبة المهمة الصعبة من اي كبت تم جلب عدد من إناث الكلاب "لتلبية احتياجات هذه الكلاب الجنسية". وقدرت فاتورة هذه العملية خلال أحد عشر شهرا بحوالى 33 ألف دولار بما يعني أن تكلفة "إعاشة" الكلب الواحد وصلت إلى 1248 دولارا خلال أقل من عام، اي ما يماثل أكثر من عشرة أمثال ما يحصل عليه العراقي من غذاء ومساعدات طبية عن طريق المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة في السنة الواحدة.

وعندما قام رياض القيسي نائب وزير الخارجية العراقي بقص هذه النادرة أمام سفراء 190 دولة أعضاء المنظمة الدولية في 28 يونيو من العام 2001 ساد شعور بالاستياء الشديد والوجوم على وجوه الحضور المشاركين في اجتماع للأمم المتحدة.

وفي كواليس المنظمة الدولية اعتبر عدد من الدبلوماسيين ومنهم ممثل فرنسا أن ما ذكره القيسي خلال خطابه الذي استمر لمدة ساعتين دون ان يبدى اي ولاء لصدام حسين يكشف عن "الضمير السئ" للمؤسسة الدولية التي استباحت موارد صادرات النفط العراقي لتصبح دولة الرافدين بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا..في وقت يكتم فيه العالم انفاسه ترقبا لمصير العراق وهو على حافة حرب وشيكة تقودها الولايات المتحدة يكاد يجمع أغلب المراقبين انها تستهدف ثروات العراق لتبيض نفطا.

(شكر خاص للزميل عصام الدسوقى)

Publicité
Commentaires
وجهات نظر
Publicité
وجهات نظر
Derniers commentaires
Archives
Visiteurs
Depuis la création 21 697
Publicité